تنوعت ردود فعل الصحافة العربية، ولاسيما المصرية، على شريط فيديو منسوب للمطربة المصرية شيرين عبد الوهاب ترد فيه على معجبة في لبنان طالبتها بأداء أغنية "ما شربتش من نيلها" قائلة:"هيجلك بلهارسيا".
واعتذرت شيرين عن هذا التعليق، مشددةً أنها لم تقصد الإساءة إلى مصر وشعبها وأوضحت أن الأمر لا يعدو كونه "دعابة في غير محلها".
ندد أمجد مصطفى في الوفد المصرية المطربة قائلاً إنه " آن الأوان لكى تصمت شيرين عن الكلام وعن الغناء لأنها حتى الآن ورغم مرور سنوات طويلة على ظهورها قاربت على الربع قرن لم يكن تأثيرها الغنائي بحجم موهبتها الغنائية".
ويضيف الكاتب أن المغنية لديها "تاريخ طويل من الأخطاء والتطاول على الآخرين، واختتمت الحكاية بمصر التي منحتها كل شيء. منحتها السماء والأرض التي تعيش عليها ومنحتها جدران المنزل الذي يحميها هي وأطفالها من التشرد، مصر التي منحتها المال والاضواء، مصر التي جعلت كل العالم العربي يحترمها، ومخطئة شيرين لو تصورت أن موهبتها فقط كانت جواز مرورها للناس".
على المنوال ذاته، تتساءل ماجدة موريس في صحيفة الجمهورية المصرية "هل من الصعب أن يفكر الإنسان لحظة فيما يقوله للآخر؟ وهل من الصعب أن يتحلى الإنسان بالفعل والإدراك السليم وهو في محفل يتابعه المئات باعتباره النجم الكبير الذي يمتلك رصيداً فنياً وحبا من الملايين؟ وهل من حق هذا النجم، في لحظات انتظار الناس لفنه، أن يقول أي كلام وأن يكشف عن لياقة ضائعة وعقل خاصمه الذكاء فيثير غضب الجماهير التي جاءت لتسمعه".
وتضيف الكاتب "شيرين هنا تفجر قضية هامة هي اختلال الموازين في كل الأمور، خصوصاً عالم الفن بفعل غياب قيم العلم والثقافة عن ذهن المسئولين عن مؤسسات الميديا المتحكمة في أذواق ملايين المشاهدين ودخول صناع الإثارة علي السوشيال ميديا لتسخين أي سلوك، ثم الصمت المؤسف للنقابات والمجتمع الثقافي عن تجاوزات المشاهير".
أما جلال عارف فيقول في صحيفة الأخبار المصرية إن "شيرين أخطأت وكان الخطأ هذه المرة فادحا في حق الوطن، وفي حق نفسها. وكلنا مستاؤون مما فعلت. لكن علينا ان نقدر ان خطأها لم يأت من موقف يعادي الوطن، بل من سوء تصرف وقلة ثقافة وعدم تقدير لما يقال وما لا يمكن قوله. ومن هنا فليس المطلوب ذبح هذه الفنانة الموهوبة وإنما أن نقودها للطريق الصحيح الذي تتوقف فيه عن هذه الأخطاء، وتتفرغ فيه لفنها الجميل ولموهبتها الكبيرة التي يبددها تكرار الخطأ، بينما يصونها ان تحميها بالتعلم وبالثقافة وبالعمل الجاد لتقديم ما يسعد الناس من غناء جميل".
في المقابل، تقول منى سلمان في التحرير المصرية إن "المفارقة الكبرى أن تأتي هذه الأزمة على خلفية تصريح يسيء إلى نهر النيل الذي يواجه خطرًا أكبر من البلهارسيا ومن المزحة الغليظة للمطربة (العفوية) خطرًا يمتد إلى وجود النهر نفسه، ولا أعرف هل هي مجرد مصادفة أن يظهر تسجيل المطربة بعد أيام قليلة من إعلان إخفاق مفاوضات سد النهضة بعد إخفاق الاجتماع الوزاري الثلاثي في القاهرة ليصبح الغضب على شيرين أكبر من الغضب على العطش الذي بات وشيكا وترتفع صيحات المطالبة برأس شيرين انتقاما لكرامة النهر الذي لم يغضب أحد لتلويثه بالمخلفات وجثث الحيوانات النافقة والاعتداء عليه بل وتهديد وجوده هو مشهد الذروة في مسرحية عبثية أم لا؟"
أما إيلي عبدو في القدس العربي اللندنية فيقول إن "الفراغ في الوطنية، يجري التعويض عنه بشكل شعبوي، تارة من قبل المجتمع، وطوراً بتوظيف من النظام. والهجوم على تصريحات الفنانة شيرين حول مياه النيل، يأتي في هذا السياق. فالشتائم والانتقادات التي وجهت لها، كانت تثأر لرمز من رموز البلد، يضاف إلى الأهرامات وسواها. رمز يسهم في صناعة صورة مصر وتاريخها و(عظمتها) ضمن سردية تفخيمية مردها التعويض عن افتقاد الوطنية القانونية والدستورية التي من المفترض أن تنظم حياة الناس بأقل الأضرار".
ويتابع الكاتب: "أما النظام، فقد وجد في التصريحات، مخرجاً إعلامياً مؤقتاً لحرف الانتباه عن فشل مفاوضاته مع إثيوبيا والسودان، حول سدّ النهضة الذي سيخفف حصة مصر التاريخية من النيل، فجعل من شتيمة النهر غطاء لضياع النهر نفسه، مستغلاً شعبوية مجتمعية ترى الرموز أهم من التعايش في ظلها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق